الاقتصاد المصري في عهد السيسي

الاقتصاد المصري في عهد السيسي: تحليل شامل

منذ توليه الرئاسة في عام 2014، اتخذ الرئيس عبد الفتاح السيسي عددًا من الخطوات الجذرية في محاولة لإعادة توجيه الاقتصاد المصري على مسار مستدام. ومع ذلك، شهد الاقتصاد المصري في عهد السيسي تحولات كبيرة، تتراوح بين الإصلاحات الاقتصادية الطموحة والافضل من وجهة نظرة للبلاد والمشاريع القومية الكبرى إلى التحديات الاقتصادية العميقة والكبيرة التي تواجه البلاد.

وكالة الفيزا نيوز | الاقتصاد المصري في عهد السيسي

 1. **الإصلاحات الاقتصادية الجذرية:**

منذ وصوله إلى السلطة، أدرك السيسي أن مصر بحاجة إلى إصلاحات اقتصادية شاملة لضمان استقرار الاقتصاد على المدى الطويل. كان من أبرز هذه الإصلاحات:

1. **تحرير سعر صرف الجنيه المصري (تعويم العملة):**

   - في نوفمبر 2016، اتخذت الحكومة المصرية خطوة جريئة بتحرير سعر صرف الجنيه المصري. كان الهدف من هذا القرار القضاء على السوق السوداء للعملات الأجنبية وتحقيق استقرار أكبر في سعر الصرف. ورغم أن هذه الخطوة كانت ضرورية، إلا أنها أدت إلى تضاعف قيمة الدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري، مما أدى إلى ارتفاع كبير في تكلفة الواردات وبالتالي التضخم وكان لزم التركيز علي ارتفع الصادرات المصرية قبل تعويم الجنية علشان العمله تفضل ثابته متتحركش .

2. **الإصلاحات الضريبية والمالية:**

   - تم تطبيق عدد من الإصلاحات الضريبية لزيادة الإيرادات الحكومية، من بينها تطبيق ضريبة القيمة المضافة وزيادة أسعار الوقود والكهرباء. هذه الإصلاحات كانت جزءًا من اتفاقية مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار وهذا لم يكن إصلاح بل خراب علي عاتق المواطن.

3. **خفض الدعم:**

   - خفضت الحكومة تدريجيًا الدعم على الوقود والكهرباء والسلع الأساسية، وهو ما كان يمثل جزءًا كبيرًا من ميزانية الدولة. هذه الخطوة كانت ضرورية لتخفيف العبء على الميزانية، لكنها أثرت سلبًا على الطبقات الفقيرة والمتوسطة، حيث ارتفعت أسعار السلع والخدمات بشكل ملحوظ وأصبح ملحوظا علي الطبقة المتوسطة.

4. **تحسين بيئة الأعمال:**

   - اتخذت الحكومة خطوات لتحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمار الأجنبي. شملت هذه الخطوات تبسيط الإجراءات البيروقراطية، وتعديل قوانين الاستثمار، وإنشاء مناطق اقتصادية خاصة لتشجيع المستثمرين.

 2. **المشروعات القومية الكبرى:**

تبنى الرئيس السيسي عدة مشروعات قومية كبرى، بهدف تحفيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل. هذه المشروعات شملت:

1. **مشروع قناة السويس الجديدة:**

   - تم افتتاح قناة السويس الجديدة في عام 2015، وهو مشروع يهدف إلى تعزيز حركة الملاحة وزيادة الإيرادات من قناة السويس. وعلى الرغم من التكلفة الكبيرة للمشروع، إلا أن العوائد الفعلية لم تحقق التوقعات الطموحة، ما أدى إلى تساؤلات حول جدوى المشروع الاقتصادية لمساعدة الدولة علي دخل بالعملة الأجنبية.

2. **العاصمة الإدارية الجديدة:**

   - تم الإعلان عن مشروع العاصمة الإدارية الجديدة بهدف تخفيف الضغط عن القاهرة وتحفيز النمو الاقتصادي. هذا المشروع يعد من أكبر المشروعات العقارية في تاريخ مصر، ويشمل إنشاء مجمعات حكومية جديدة، وأحياء سكنية، ومنشآت تجارية. وعلى الرغم من أهمية المشروع من الناحية التنموية، إلا أن تمويله كان يمثل تحديًا كبيرًا، حيث تم الاعتماد بشكل كبير على الاستثمارات الخاصة والقروض.

3. **مشروعات البنية التحتية:**

   - شهدت مصر طفرة في مشروعات البنية التحتية، بما في ذلك الطرق والكباري، ومحطات الكهرباء، وتحسين شبكات المياه والصرف الصحي. هذه المشروعات كانت ضرورية لتحسين جودة الحياة للمواطنين وتحفيز النشاط الاقتصادي.

4. **مشروعات الإسكان الاجتماعي:**

   - تم إطلاق عدد من مشروعات الإسكان الاجتماعي لتوفير مساكن بأسعار معقولة للطبقات الفقيرة والمتوسطة. ومع ذلك، يظل التحدي الأكبر هو توفير هذه المساكن بجودة عالية وبأسعار تتناسب مع القدرة الشرائية للفئات المستهدفة.

 3. **التحديات الاقتصادية المستمرة:**

على الرغم من هذه الإصلاحات والمشروعات الكبرى، فإن الاقتصاد المصري لا يزال يواجه عددًا من التحديات الهيكلية العميقة:

1. **ارتفاع معدلات التضخم:**

   - أدت السياسات الاقتصادية مثل تعويم العملة وخفض الدعم إلى ارتفاع كبير في معدلات التضخم، مما أثر سلبًا على القوة الشرائية للمواطنين. رغم تراجع التضخم خلال بعض الفترات، إلا أنه لا يزال يمثل تحديًا كبيرًا، خصوصًا في ظل زيادة تكلفة المعيشة.

2. **ارتفاع معدلات الفقر:**

   - وفقًا لتقارير رسمية، ارتفعت معدلات الفقر في مصر بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة. يعود ذلك بشكل رئيسي إلى ارتفاع الأسعار وثبات الأجور. تمثل هذه المشكلة تحديًا كبيرًا أمام الحكومة، حيث تتطلب حلولاً عاجلة وشاملة.

3. **الدين العام:**

   - ارتفع الدين العام المصري بشكل كبير خلال عهد السيسي، حيث اعتمدت الحكومة على الاقتراض لتمويل المشروعات القومية وسد العجز في الميزانية. هذا الارتفاع في الدين يمثل تحديًا كبيرًا للاستقرار المالي على المدى الطويل، حيث يضغط على الميزانية العامة من خلال زيادة أعباء خدمة الدين.

4. **البطالة والعمالة:**

   - رغم التحسن النسبي في معدلات البطالة، لا يزال هناك نقص في فرص العمل ذات الجودة العالية. وتعاني مصر من تحدي تزايد عدد السكان واحتياجات السوق المستمرة لخلق فرص عمل جديدة.

5. **التحديات السياسية والأمنية:**

   - الأوضاع السياسية والأمنية في مصر وفي المنطقة تشكل عامل ضغط على الاقتصاد. حيث أن الأوضاع غير المستقرة تؤثر على السياحة والاستثمار الأجنبي.

 4. **التحولات الاقتصادية والاجتماعية:**

على الرغم من التحديات، شهدت مصر في عهد السيسي بعض التحولات الاقتصادية والاجتماعية الهامة:

1. **نمو قطاع الطاقة:**

   - شهد قطاع الطاقة نموًا ملحوظًا مع اكتشافات الغاز الطبيعي في البحر المتوسط، مثل حقل ظهر. هذه الاكتشافات ساهمت في تحويل مصر من دولة مستوردة للغاز إلى دولة مكتفية ذاتيًا بل ومصدرة للغاز الطبيعي.

2. **تعزيز الاستثمارات الأجنبية:**

   - مع تحسين بيئة الأعمال وبعض الاستقرار النسبي، شهدت مصر زيادة في تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، خاصة في قطاعات مثل الطاقة والعقارات.

3. **التحول الرقمي:**

   - قامت الحكومة بدفع جهود التحول الرقمي في مصر، بما في ذلك رقمنة الخدمات الحكومية وتشجيع الاقتصاد الرقمي. يعتبر هذا التحول ضروريًا لمواكبة التطورات العالمية وتحقيق الكفاءة في الإدارة الحكومية.

 5. **التوقعات المستقبلية والاستدامة:**

بالنظر إلى المستقبل، يظل السؤال الرئيسي هو مدى قدرة مصر على تحقيق الاستدامة الاقتصادية في ظل التحديات القائمة:

1. **ضرورة الإصلاحات المستمرة:**

   - يجب على الحكومة مواصلة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، بما في ذلك تحسين التعليم والصحة، وتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد، لتأمين مستقبل اقتصادي أكثر استقرارًا.

2. **تنويع الاقتصاد:**

   - تنويع الاقتصاد بعيدًا عن القطاعات التقليدية مثل السياحة والزراعة بات ضروريًا لتحقيق نمو مستدام. يجب التركيز على تطوير القطاعات التكنولوجية والصناعية لتوفير فرص عمل جديدة وتقليل الاعتماد على الواردات.

3. **العدالة الاجتماعية:**

   - تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال سياسات اقتصادية تراعي توزيع الثروات والخدمات بشكل عادل، وتقليل الفجوة بين الطبقات الاجتماعية المختلفة، هو تحدي رئيسي يجب معالجته.

4. **التكامل الإقليمي والدولي:**

   - تعزيز العلاقات الاقتصادية مع دول الجوار والدول الأفريقية والعالمية يمكن أن يفتح آفاقًا جديدة للتعاون الاقتصادي، مما يساعد في تحقيق نمو مستدام.

5. **إدارة الدين العام:**

   - يتطلب استدامة الاقتصاد إدارة فعالة للدين العام، من خلال تحسين سياسات الاقتراض وتقليل الاعتماد على الديون الخارجية.

الخلاصة:

شهد الاقتصاد المصري في عهد السيسي تحولات كبيرة بين الإصلاحات الاقتصادية الكبرى والمشروعات القومية الضخمة، وبين التحديات الهيكلية العميقة التي لا تزال تعيق تحقيق نمو اقتصادي مستدام. بينما نجحت الحكومة في تنفيذ عدد من الإصلاحات الضرورية، فإن التحديات الكبيرة، مثل التضخم وارتفاع معدلات الفقر والديون، تتطلب جهودًا مستمرة لتحقيق استقرار اقتصادي حقيقي على المدى الطويل. تعتمد الاستدامة الاقتصادية لمصر على قدرتها على الاستمرار في تنفيذ إصلاحات هيكلية شاملة، وتحقيق توازن بين المشروعات الكبرى والاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين.

المصدر: وكالة الفيزا نيوز

تعليقات