جو بايدن: الرئيس السادس والأربعون للولايات المتحدة وتحليل شامل لمسيرته السياسية
جو بايدن، الرئيس السادس والأربعون للولايات المتحدة، يتمتع بمسيرة سياسية تمتد لأكثر من خمسة عقود، مما يجعله من أقدم السياسيين الأمريكيين وأكثرهم خبرة. تولى بايدن منصب الرئاسة في 20 يناير 2021، بعد فوزه في انتخابات 2020 ضد الرئيس السابق دونالد ترامب. يُعتبر بايدن شخصية محورية في السياسة الأمريكية الحديثة، وقد شارك في صنع العديد من السياسات الهامة على مدى عقود. في هذا التحليل الشامل، سنستعرض نشأة بايدن، مسيرته السياسية، التحديات التي واجهها، وسياساته الداخلية والخارجية كرئيس.
وكالة الفيزا نيوز | السيرة الذاتية لجو بايدن |
نشأة جو بايدن
وُلد جوزيف روبينيت بايدن الابن في 20 نوفمبر 1942 في سكرانتون بولاية بنسلفانيا. نشأ بايدن في عائلة كاثوليكية من الطبقة العاملة. كان والده يعمل في بيع السيارات، وكان لبايدن طفولة متواضعة. تأثر بايدن بتربية والدته، التي علمته أهمية المثابرة والشجاعة في مواجهة التحديات، عانى بايدن من التلعثم في طفولته، وهي مشكلة تغلب عليها تدريجيًا من خلال التمارين والتدريب على الخطابة. بعد إنهاء المدرسة الثانوية، التحق بايدن بجامعة ديلاوير، حيث درس التاريخ والعلوم السياسية، قبل أن يحصل على شهادة في القانون من جامعة سيراكيوز.
بداية الحياة السياسية
بدأ بايدن مسيرته السياسية في سن مبكرة. بعد فترة قصيرة في مجال المحاماة، قرر دخول السياسة. في عام 1972، وفي سن التاسعة والعشرين فقط، تم انتخاب بايدن عضوًا في مجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية ديلاوير، ليصبح واحدًا من أصغر أعضاء مجلس الشيوخ في تاريخ الولايات المتحدة.
1. **فترة مجلس الشيوخ:**
خلال فترة ولايته الأولى في مجلس الشيوخ، واجه بايدن مأساة شخصية هائلة. بعد أسابيع قليلة من انتخابه، توفيت زوجته الأولى نيليا وابنتهما الصغيرة في حادث سيارة، وأصيب ولديه بو وهنتر بجروح خطيرة. هذه المأساة كادت تدفع بايدن إلى الانسحاب من الحياة السياسية، لكنه قرر الاستمرار من أجل أطفاله والناخبين. استمر بايدن في العمل كسيناتور، وكان يسافر يوميًا من ديلاوير إلى واشنطن العاصمة باستخدام القطار ليكون قريبًا من أبنائه.
2. **المسيرة التشريعية:**
خلال أكثر من ثلاثة عقود في مجلس الشيوخ، كان بايدن لاعبًا رئيسيًا في صياغة العديد من السياسات الهامة. شغل بايدن منصب رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، حيث كان له دور بارز في قضايا السياسة الخارجية مثل نزع السلاح النووي، العلاقات الأمريكية مع الاتحاد السوفييتي وروسيا بعد انهياره، وحرب البلقان.
كما كان بايدن رئيسًا للجنة القضائية بمجلس الشيوخ، حيث أشرف على جلسات الاستماع لتأكيد تعيين القضاة في المحكمة العليا. لعب دورًا رئيسيًا في تشريع قانون مكافحة الجريمة في عام 1994، والذي تضمن تعزيز تمويل الشرطة وزيادة العقوبات على الجرائم الخطيرة، لكنه كان مثيرًا للجدل بسبب تأثيره على زيادة معدلات السجن.
الحملة الرئاسية لعام 2008 ونائب الرئيس
في عام 2008، خاض بايدن الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي للمرة الثانية بعد محاولته الفاشلة في عام 1988. ومع ذلك، لم يحقق نجاحًا كبيرًا وانسحب من السباق مبكرًا. بعد انسحابه، اختاره باراك أوباما، الذي كان في ذلك الوقت سيناتورًا شابًا من إلينوي، ليكون نائبًا له في الانتخابات العامة.
1. **نائب الرئيس في عهد أوباما:**
بعد فوز أوباما في الانتخابات، أصبح بايدن نائب الرئيس في الفترة من 2009 إلى 2017. خلال هذه الفترة، لعب بايدن دورًا حيويًا كمستشار رئيسي لأوباما في العديد من القضايا، بما في ذلك السياسة الخارجية، والاقتصاد، والرعاية الصحية.
1. **السياسة الخارجية:**
- كان بايدن معروفًا بخبرته الواسعة في السياسة الخارجية، وقد لعب دورًا حاسمًا في تعزيز العلاقات الأمريكية مع حلفائها في أوروبا وآسيا. كما كان له دور بارز في صياغة سياسات إدارة أوباما تجاه العراق وأفغانستان، بما في ذلك تخفيض عدد القوات الأمريكية في العراق والانسحاب التدريجي من أفغانستان وشاهدات امريكا خسائر كبيره في هذا الصراع.
2. **الاقتصاد:**
- كان بايدن أيضًا منخرطًا في جهود إدارة أوباما للتعامل مع الأزمة المالية العالمية التي بدأت في عام 2008. عمل على تنفيذ حزمة التحفيز الاقتصادي التي أقرها الكونغرس في بداية رئاسة أوباما، والتي هدفت إلى إنعاش الاقتصاد الأمريكي وإنقاذ الوظائف وتقليل نسبة البطالة في البلاد.
3. **قانون الرعاية الصحية:**
- لعب بايدن دورًا في دفع الجهود لإقرار قانون الرعاية الصحية الميسر (أوباما كير)، الذي وسع نطاق التغطية الصحية لملايين الأمريكيين. كانت هذه إحدى الإنجازات الكبرى لإدارة أوباما، رغم أنها واجهت معارضة شديدة من الجمهوريين.
2. **العودة إلى الحياة الخاصة والتحضير للرئاسة:**
بعد انتهاء ولايته كنائب للرئيس في عام 2017، عاد بايدن إلى الحياة الخاصة. لكنه لم يبتعد عن السياسة، حيث واصل إلقاء الخطب والمشاركة في الأنشطة السياسية. خلال هذه الفترة، تزايدت التكهنات حول ترشحه للرئاسة في انتخابات 2020.
في أبريل 2019، أعلن بايدن رسميًا ترشحه للرئاسة، مشيرًا إلى أنه يخوض السباق "لإعادة روح الأمة" و"استعادة كرامة" مكتب الرئاسة. خلال الحملة الانتخابية، ركز بايدن على استعادة الوحدة الوطنية ومكافحة جائحة كوفيد-19، التي كانت تتفشى بسرعة في جميع أنحاء البلاد.
الأحداث الانتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 2020
شهدت انتخابات 2020 واحدة من أكثر الحملات الانتخابية إثارة للجدل في تاريخ الولايات المتحدة. كانت الحملة مركزة حول إدارة جائحة كوفيد-19، والانقسام السياسي العميق في البلاد، ومسائل العدالة الاجتماعية.
1. **جائحة كوفيد-19:**
وعد بايدن باتخاذ نهج علمي لمكافحة الجائحة، مع التركيز على تعزيز الاختبارات، وتوزيع اللقاحات، وفرض إجراءات صارمة لاحتواء الفيروس. هذا التوجه كان في تناقض واضح مع سياسات إدارة ترامب، التي تعرضت لانتقادات شديدة بسبب تعاملها مع الأزمة لان اكثر من 10 ملايين أمريكي توفي خلال الجائحة.
2. **العدالة الاجتماعية والانقسام العرقي:**
جاءت الانتخابات في أعقاب موجة من الاحتجاجات ضد العنصرية وعنف الشرطة، والتي اندلعت بعد مقتل جورج فلويد في مايو 2020. وعد بايدن بالعمل على معالجة قضايا العنصرية الممنهجة وتعزيز العدالة الاجتماعية، وذلك من خلال إصلاح الشرطة وتوسيع الفرص الاقتصادية للأقليات.
3. **استعادة الوحدة الوطنية:**
كان بايدن يركز على توحيد الأمة بعد سنوات من الانقسام السياسي الحاد تحت إدارة ترامب. دعا إلى التعايش السلمي بين الأحزاب السياسية والعمل معًا لمصلحة البلاد. في خطاب النصر، أكد بايدن على ضرورة إنهاء "الحرب الباردة السياسية" في الولايات المتحدة.
السياسات الداخلية والخارجية كرئيس
1. **السياسات الداخلية:**
منذ توليه منصبه، ركز بايدن على تنفيذ مجموعة من السياسات الداخلية التي تهدف إلى معالجة القضايا الملحة التي تواجه الولايات المتحدة:
1. **مكافحة جائحة كوفيد-19:**
- كانت جائحة كوفيد-19 أولويات بايدن الرئيسية. فور توليه الرئاسة، أطلق خطة شاملة لتسريع توزيع اللقاحات، وفرض ارتداء الكمامات في المنشآت الفيدرالية، وأصدر توجيهات لتحسين الاختبارات وتوسيع الوصول إلى العلاج. بحلول منتصف عام 2021، كانت الولايات المتحدة قد حققت تقدمًا كبيرًا في تلقيح السكان، مما أدى إلى تراجع كبير في عدد الحالات.
2. **التحفيز الاقتصادي:**
- أقر بايدن خطة تحفيز اقتصادي بقيمة 1.9 تريليون دولار، تُعرف بخطة الإنقاذ الأمريكية، في مارس 2021. تهدف هذه الخطة إلى دعم الأفراد والأسر المتضررة من الجائحة، وتعزيز الاقتصاد من خلال تمويل برامج البطالة، والمساعدات الغذائية، ودعم الشركات الصغيرة، وتمويل حكومات الولايات والمحليات من خلال المساعدات الخارجية لدي امريكا.
3. **البنية التحتية:**
- نجح بايدن في إقرار مشروع قانون البنية التحتية البالغ قيمته 1.2 تريليون دولار في نوفمبر 2021. يشمل هذا المشروع تحسين الطرق والجسور، وتحديث شبكات المياه والكهرباء، وتوسيع الوصول إلى الإنترنت السريع في جميع أنحاء البلاد. يُعتبر هذا القانون واحدًا من أكبر استثمارات البنية التحتية في تاريخ الولايات المتحدة.