برابوو سوبيانتو: الرئيس الجديد لإندونيسيا بين التحديات الداخلية والتوازنات الدولية

 الرئيس الجديد لإندونيسيا، برابوو سوبيانتو، أدى اليمين الدستورية في شهر أكتوبر الحالي بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية، مما جعله الرئيس الثامن للبلاد. سوبيانتو، الذي خاض سباق الرئاسة ثلاث مرات من قبل، تولى هذا المنصب بعد دعم غير معلن لكنه قوي من الرئيس السابق جوكو ويدودو، المعروف باسم "جوكوي". نائب الرئيس الجديد هو جبران راكابومينغ راكا، ابن الرئيس السابق ويدودو، مما يشير إلى استمرار التأثير السياسي لعائلة ويدودو حتى بعد نهاية رئاسته.
الفيزا نيوز| رئيس إندونيسيا الجديد برابوو سوبيانتو
ينحدر برابوو من خلفية عسكرية رفيعة المستوى، إذ خدم في القوات الخاصة الإندونيسية (كوباسوس) من عام 1974 حتى 1998، حيث كان له دور فعال في دعم نظام الرئيس السابق سوهارتو، وهو نظام معروف بالقمع الشديد. ورغم تورطه في انتهاكات حقوق الإنسان في مناطق مثل تيمور الشرقية وأتشيه، إلا أن برابوو نجا من المحاسبة واستمر في صعوده السياسي، مستفيداً من علاقاته القوية بالجيش والنخبة السياسية والاقتصادية.
من الناحية السياسية، يتوقع المراقبون أن برابوو سيستمر في العديد من سياسات سلفه جوكوي، مع التركيز على تحقيق الاكتفاء الذاتي في الغذاء والطاقة. أعلن برابوو عن خطط لجعل إندونيسيا "سلة غذاء العالم" خلال السنوات القادمة، كما يسعى إلى تأمين احتياجات البلاد من الطاقة في ظل التحديات الجيوسياسية العالمية. علاوة على ذلك، تطرق برابوو في خطابه الافتتاحي إلى ضرورة دعم استقلال فلسطين، وهو موضوع يتماشى مع المبادئ الإندونيسية المناهضة للاستعمار.
الفيزا نيوز| صوره وهو قائد لدي الجيش الإندونيسي
يعكس صعود برابوو إلى السلطة تغيرات عميقة في السياسة الإندونيسية. فمن جهة، يظهر التحالف بين برابوو وعائلة ويدودو رغبة النخب السياسية في الحفاظ على استقرار النظام السياسي، لكن من جهة أخرى، فإن خلفية برابوو العسكرية وتاريخه المثير للجدل قد يثير مخاوف بشأن حقوق الإنسان والديمقراطية في البلاد. ورغم أن برابوو كان محظورًا من دخول الولايات المتحدة لسنوات بسبب تورطه في انتهاكات حقوق الإنسان، إلا أنه استعاد مكانته الدولية بعد تعيينه وزيراً للدفاع في عام 2019، حيث أجرى محادثات مع المسؤولين الأمريكيين وشارك في تعزيز العلاقات الأمنية مع واشنطن.
تاريخة العسكري الحافل
على المستوى الدولي، يبدو أن برابوو يوازن بين علاقات إندونيسيا مع القوى العظمى. فرغم تحالفه مع الولايات المتحدة في القضايا الأمنية، تحتفظ إندونيسيا بعلاقات اقتصادية قوية مع الصين، التي تعتبر أكبر شريك تجاري لها. وبينما يسعى برابوو إلى تعزيز مكانة بلاده كدولة قوية ومستقلة، فإنه يواجه تحديات كبيرة في ظل التصاعد المستمر للتوترات الإقليمية والدولية، لا سيما في بحر الصين الجنوبي.
رحلة وصوله الي السلطة
بمجرد توليه منصب الرئاسة، شرع برابوو في تشكيل حكومته التي شملت مجموعة متنوعة من الوزراء، تضم سياسيين ومهنيين، وهي أكبر تشكيلة حكومية في تاريخ البلاد. هذه الخطوة تعكس محاولته جمع التحالفات وتوسيع قاعدته السياسية لضمان الاستقرار في فترة رئاسته المقبلة.
باختصار، يواجه برابوو سوبيانتو تحديات متعددة في إدارته الجديدة، من بينها تعزيز الاكتفاء الذاتي الوطني، دعم التنمية الاقتصادية، وتوازن العلاقات الخارجية. ومع ذلك، فإن خلفيته العسكرية وتاريخه السياسي يثيران مخاوف بشأن كيفية تعامله مع القضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان في إندونيسيا.
تعليقات